لیس ذنبهم

لیس ذنبهم
أنك أَنـتَقيتَهم لِحكايةِ عُمرك
ومَنحتهم دور البطولة
وجعلتهم جُزءاً مُهماً مِن حِلمك الدافئ

لیس ذنبهم
أنك تنـازلـت عن خيالك الشاسع لهم
ومهدت لطيفهم الطريق إليك
وأدمَنتَ الحلمَ بهم

لیس ذنبهم
أنك حولتهم إلى قصيدة حب
وخبأتهم في دفتر أسرارك
وقرأتهم على نفسك قبل النوم

لیس ذنبهم
أنك أحببت وجوههم في ذاكرتك
وتصفحت صورهم في ليالي الشوق
وأبحرت بانتظارهم على غير موعد

لیس ذنبهم
أنك شِدت مِدنك فوق صحرائهم
وحفرت آبار السراب في طريقك
وسقيت نفسَك حتى ارتويت من السراب

لیس ذنبهم
أنك طرقت أبواب قلوبهم في غيابها
واقتحمت أحلامهم بلا استئذان
وحلمتَ بهم على غفلةٍ منهم

لیس ذنبهم
أنك سلمتهم مفاتيح السريرة
ومنحتهم تأشيرة التجول بك
وقدمت لهم دعوة الإقامة بك

لیس ذنبهم
أنك تقمصتهم
وحاورتهم في غيابهم
وحدثت نفسك بأصواتهم
ووصلت بهم إلى أعلى مراتب الوهم

لیس ذنبهم
أنك غنيت أغاني الحب لهم
وتركت ورودك على بابهم
وتحدثت عن إحساسك بصوت مرتفع

لیس ذنبهم
أنك جعلتهم مركز الكون
وجعلتهم بداية الأشياء ونهايتها
وبالغت في التعلق بهم

لیس ذنبهم
أنك تشعر بالرعب من فقدانهم
ولا تتخيل الحياة من دونهم
ولا تصور ملامح أيامك من دونهم

لیس ذنبهم
أنك ربّيت المكان بهم
وربّيت الزمان بهم
وربّيت استمرارية الحياة باستمرار وجودهم معك

لیس ذنبهم
أنك توهمت بصفاء سفينة نوح
واخترتهم ليكونوا نصفك الآخر
وأبحرت بهم إلى جزر الأحلام بلا علمٍ منهم

لیس ذنبهم
أنك وصلت إلى غير أوانك
فلم يكن زمانهم زمانك
ولا أمانيهم أمانيك
ولا أحلامهم أحلامك

لیس ذنبهم
أنك حين شعرت لم يشعروا
وحين حلمت لم يحلموا
وحين اشتقت لم يشتاقوا
وحين سهرت لم يسهروا
وحين بحثت لم يبحثوا
وحين تألمت لم يتألموا
وحين ناديت لم يسمعوا.. وكانوا آخر من يعلم

الألم ألمك وحدك
والإحساس إحساسك وحدك
فلا تذنب يا صديقي.. ذنبك وحدك

استيقظ.. لا تكمّل الحلم إذا اكتشفت أنك تؤدي دور الغبي في حكاية
بطلها من طرف واحد.