عندما يخذلون إحساسك الجميل

ويكسرون أحلامك بقسوة
ويرحلون عنك كالأيام كالعمر
وينبت في قلبك جرح باتساع الفراق خلفهم
ثم تأتي بهم الأيام إليك من جديد
فكيف تستقبل عودتهم وماذا تقول لهم

إنك نسيتهم وأدر لهم ظهر قلبك وأمضِ في الطريق المعاكس لهم
فربما كان هناك في الجهة الأخرى أناس يستحقونك أكثر منهم

إن الأيام لا تتكرر وإن المراحل لا تعاد
وإنك ذات يوم خلقتهم كما خلقوك في الوراء
وإن العمر لا يعود إلى الوراء أبدًا

إنك لفظت أحلامك بهم حين لفظت قلوبهم
وإنك بكيت خلفهم كثيرًا حتى اقتنعت بموتهم
وإنك لا تملك قدرة إعادتهم إلى الحياة مرة أخرى بعد أن اختاروا الموت فيك

إن رحيلهم جعلك تعيد اكتشاف نفسك
واكتشاف الأشياء حولك
وإنك اكتشفت أنهم ليسوا آخر المشوار ولا آخر الإحساس
ولا آخر الأحلام وأن هناك أشياء أخرى جميلة ومثيرة ورائعة تستحق الحياة واستمرارها

إنك أعدت طلاء نفسك بعدهم وأزلت آثار بصماتهم من جدران أعماقك
وأقلعت كل خناجرهم من ظهرك وأحرقت بقاياهم من جدائل ذاكرتك القديمة
وأن مساحة النقية ما عادت تتسع لهم

إنك غلقت كل محطات الانتظار خلفهم فلم تعد ترتدي رداء الشوق
ولا تقف فوق محطات عودتهم تترقب القادمين
ولا تبحث في الزحام عن ظلالهم وآثارهم
ولا تنتظر صدفة جميلة تأتي بهم إليك

إن صلاحتهم انتهت وإن النبض في قلبك ليس بنبضهم
وإن المكان في ذاكرتك ليس بمكانهم
ولم يتبق لهم بك سوى الأمس بكل ألمه وأسى ذكراه

إنك نزفتهم في لحظات ألمك كدمك
وإنك أجهضتهم في لحظات غيابهم كجنين ميت بداخلك
وإنك أطلقت سراحهم منك كالطيور وأغلقت الأبواب دونهم
وعاهدت نفسك ألا تفتح أبوابك الآن لأولئك الذين يستحقونك

إن لكل إحساس زمانه ولكل حلم زمانه
ولكل حكاية زمانها ولكل حزن زمانه
ولكل فرح زمانه ولكل بشر زمانه ولكل فرسان زمانه
وإن زمنهم انتهى بك منذ زمن

لا تقل لهم شيئًا استقبلهم بصمت
فالصمت أحيانًا قدرة فائقة على التعبير
عما تعجز الحروف والكلمات عن توضيحه